تعتبر حقوق الإنسان من أهم القضايا التي تؤثر على المجتمعات المعاصرة والتى اضحت فى عصرنا الحديث لا تحترم ولا حماية لها بل يستسهل انتهاكها والمجتمع الدولى فى ثبات عميق وكثير من الانتهاكات على مستوى العالم لا يتحرك فيها مجلس حقوق الانسان ولا تشكيل لجان للتقصى او تتحرك كبرى الدول لتقديم مشروع قرار للحد من هذه الانتهاكات والامثلة كثيرة ،البوسنة والروهنقا ،فلسطين وكثير من الاقليات المستضعفة فى بعض البلدان العربية والافريقية ويأتي مركز ما وراء النيل للدراسات الاستراتيجية ليكون منصة معرفية تسعى لتسليط الضوء على الأوضاع الإنسانية والاجتماعية في المنطقة العربية، وخاصة في السودان. يهدف المركز إلى نشر الوعي والمعرفة من خلال الأبحاث والدراسات التي تتناول القضايا الحقوقية والسياسية المختلفة. في هذا السياق، سوف نتناول قرار مجلس حقوق الإنسان الأخير الذي رفض التوصيات الصادرة عن لجنة تقصي الحقائق بشأن الوضع في السودان وقبل ذلك لا بد من نبذة
لتعريف مركز ما وراء النيل ودوره المعرفي ،
مركز ما وراء النيل للدراسات الاستراتيجية هو مؤسسة بحثية غير ربحية تركز على تعزيز الفهم والوعي بحقوق الإنسان في الشرق الأوسط ويشمل عمل المركز إجراء الدراسات، وكتابة التقارير، وتنظيم الفعاليات والندوات، يسعى المركز أيضا إلى تقديم رؤى علمية موضوعية تساعد على معالجة القضايا المشتتة. ان الأبحاث التي يقوم بها المركز تلعب دوراً حيويا في توفير المعلومات والتحليلات اللازمة للمساعدة في اتخاذ قرارات مستنيرة حول قضايا حقوق الإنسان.
*تحليل قرار مجلس حقوق الإنسان بشأن التوصيات*
قرار مجلس حقوق الإنسان برفض توصيات اللجنة المكلفة بالتحقيق وتقصي الحقائق حول الأزمة الإنسانية في السودان، اثار استنكارا واسعا من قبل العديد من النشطاء والدوائر المدنية والسياسية التى كانت تنتظر الاحالة الى مجلس الامن عبر مجلس حقوق الانسان من خلال ما تخلص اليه اللجنة المكلفة بذلك. وكان فى ظنهم ان يحصلوا على قرار يعتقد انه من واقع اختصاص اللجنة بان الجيش السودانى قد ارتكب فظائع وانتهاكات ويكونوا قد نجحوا فى شكواهم او مذكرتهم ظنا منهم انها استجابة متأخرة للأوضاع المتردية التي يواجهها الشعب السوداني ولكن جاءت النتيجة بعكس ما يشتهون. ان التحليل المنطقى لهذا القرار يشير الى أن هذا الرفض قد يعكس تحالفات سياسية معقدة داخل المجلس. لذا فان كان من الضروري النظر في الأسباب الحقيقية وراء هذا القرار وتأثيره على المجتمع السوداني فعلى المجتمع الدولى ان يهتم بعدالة قبول المذكرات خاصة التى تتعلق بحقوق الانسان فى هذا الظرف الاستثنائى وهى حرب تدور رخاها منذ اكثر من ستة عشر شهرا لم تترك شيئا نافعا الا وقضت عليه واستشرت الفوضى والقتل والاشريد والاغتصابات وترويع الاطفال والشيوخ والنساء .
*تفاصيل لجنة تقصي الحقائق وآلياتها*
تشكلت لجنة تقصي الحقائق بهدف التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة في السودان. قامت اللجنة بجمع معلومات من العديد من المصادر بما في ذلك الضحايا والشهود والملاحظ ان كل هذه الافادات اخذت لبعض الناس خارج السودان وتحديدا فى دولة اثيوبيا وهناك عداء واضح وفتور فى العلاقة السودانية الاثيوبية وايضا الاستعانة ببعض مقاطع الفيديوهات وغيرها مما يعتبر دليل مادى على الانتهاكات، استخدمت اللجنة آليات متعددة لجمع الأدلة وتوثيق الانتهاكات وايضا خبراء فنيين للتحليل وجمع المعلومة. وقد أصدرت توصيات تستند إلى تلك النتائج، ولكن رفض المجلس لهذه التوصيات يشير إلى عدم اختصاص اللجنة فى رفع توصية بالاشارة الى قرارات لا علاقة لها بالتحقيق وهى قد اشارت صراحة الى منبر جدة وعدم الاشارة اليه وايضا عدم الاشارة الى التدخل العسكرى حتى ولو اصبح ذلك خيارا لذلك عدم الاختصاص لهذه اللجنة هو الذى عزز من عدم قبول التوصيات لدى مجلس حقوق الانسان الذى قر، الرفض لان الامر ينتقل الى مجلس الامن الدولى بما يخلص اليه مجلس حقوق الانسان وهم ينسوا ان مشروع اى قرار بالتدخل او غيره يجب ان يقدم كمشروع ويخضع للتصويت وهذا امر بديهى لا نخوض فيه كثيرا
*آثار رفض التوصيات على الوضع السوداني*
من الممكن الذهاب الى ان رفض توصيات لجنة تقصي الحقائق يوفر ارضية خصبة لاستمرار الانتهاكات في السودان، حيث يعيش المواطنين تحت تهديد مستمر ولكن هذا التحليل ليس دقيقا للملابسات التى فى ظلها تسعى كثير من الدول والمنظمات احتواء الموقف بنجاح اى مفاوضات لانهاء هذه الحرب وحتى لو قبلت التوصيات فانها لن تغير فى الامر شئ لعدم وجود الية تنفيذ اى قرار بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا القرار قد يقوض الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز حقوق الإنسان في البلاد. من المتوقع ان يؤدى هذا السياق إلى تفشي الإحباط فى التنظيمات او الجماعات التى كانت تنتظر ما تنتجه اللجنة غبر مجلس حقوق الانسان ولكن انتهى الامر الى الاحباط واليأس بين السياسيين والنشطاء والمنظمات المدنية. لذا فان ما ينتج من استمرار هذه الحرب على نحو ما ينظر اليه المجتمع الدولى بغض الطرف او بالتحرك السلحفائى هو الاثر السلبى وزيادة الضغط على الشعب السودانى المنهك والمهترى.. لذلك يجب فى الاعتبار توضيح بعض الآثار الاجتماعية والسياسية التي قد تحدث في ظل استمرار هذا الوضع المتدهور.
*انتقادات حول موقف مجلس حقوق الإنسان*
تواجه قرارات مجلس حقوق الإنسان انتقادات شديدة على مستوى العالم، حيث يُتهم بعدم اتخاذ خطوات فعالة لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان في السودان ولا اظن ما حدث من انتهاكات لحقوق الانسان فى هذه الحرب قد حدث من قبل ولا فى عهد التتار ونحن فى مركز ما وراء النيل كمراقبين نعتبر أن المجلس يفتقر إلى القدرة على اتخاذ مواقف جادة وفعالة تجاه الأزمات الإنسانية. يجب ان تكون مواقفه هى الوفاء بالتزاماته الأخلاقية حيال حماية حقوق الإنسان الأساسية، وهو ما يجعل المجتمع الدولي يعيد التفكير في فاعلية المؤسسات الدولية.
*رؤى مستقبلية حول التوصيات والحقوق في السودان*
يرى مركز ما وراء النيل انه يجب أن تعمل الأطراف المعنية على إعادة اعطاء الأولوية للسودان والاهتمام بكل الانهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان في السودان. وذلك يتطلب جهدا دوليا من خلال المنظمات الإنسانية وحقوق الإنسان لتسليط الضوء على الواقع المرير الذي يعيشه السودانيون. من الضروري أن يتم ذلك من خلال حوار شامل يعزز من حقوق الإنسان ويعمل على تعزيز العدالة الاجتماعية. وفي الختام، تظل أمل تحقيق حقوق الإنسان في السودان مرهوناً بالجهود المستمرة والتعاون الدولي الفعال.
دكتور هاشم عبدالسلام
مدير مركز ما وراء النيل للدراسات الاستراتيجية