
أثارت التدوينة التي نشرها رئيس جماعة القليعة، قبل أن يسارع إلى حذفها، موجة من الاستغراب والانتقادات، بعدما تجرأ على الخوض في قرار سيادي يخص لجنة الداخلية بوزارة الداخلية، التي أقرت بعزل عامل إقليم إنزكان آيت ملول. تدوينة الرئيس، التي انتشرت بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتُبرت خرقاً واضحاً للأعراف المؤسسية، وتدخلاً غير مبرر في اختصاصات جهة عليا لا يملك كرئيس جماعة محلية أي صلاحية لمناقشتها أو التشكيك فيها.
اللافت أن الرئيس لم يكتفِ بالتعبير عن تضامنه مع العامل، بل حاول أن يمنح لنفسه سلطة التقييم والتأويل، وكأنه يملك معطيات تتجاوز ما صدر عن لجنة الداخلية. وهو ما أثار موجة غضب في الأوساط السياسية والحقوقية، حيث اعتبر كثيرون أن التدوينة لا يمكن فهمها إلا كتحدٍ غير مباشر لقرار وزاري مبني على تقارير وتحريات دقيقة.
معارضون للرئيس يرون أن تصرفه يدخل في إطار المزايدات السياسية ومحاولة استغلال الظرفية لاستمالة تعاطف الساكنة، متجاهلاً أن قرارات وزارة الداخلية لا تُبنى على العاطفة وإنما على أسس قانونية ومؤسساتية صلبة. بل إن البعض ذهب إلى أبعد من ذلك، معتبرين أن التدوينة تُظهر الرئيس في موقع «المدافع عن أشخاص» بدل أن يكون مدافعاً عن المؤسسات والقانون.
الحقيقة التي لا يمكن القفز عليها، هي أن تدخل رئيس جماعة القليعة في ملف يخص لجنة الداخلية يُضعف صورة الجماعة التي يرأسها، ويؤكد أن الرجل يخلط بين موقعه كممثل محلي منتخب وبين صلاحيات أجهزة الدولة المركزية. وهو ما يضعه في مرمى الانتقاد والمساءلة، خاصة وأنه لم يكتفِ بالخطاب العام، بل دخل في تفاصيل مرتبطة بالتحقيقات الجارية، في خروج واضح عن دوره وحدود مسؤوليته.
خلاصة القول:
ما جرى يكشف عن انزلاق سياسي خطير لرئيس جماعة القليعة، الذي سمح لنفسه بأن يناقش قراراً سيادياً يخص وزارة الداخلية، متناسياً أن احترام الاختصاصات خط أحمر. وإذا كان الحذف محاولة لامتصاص الغضب، فإن الأثر السياسي لما كتبه سيظل قائماً، وسيُحسب عليه كدليل على ضعف تقديره لمقتضيات المرحلة، وتجاوزه للأعراف التي تفرض على المنتخب المحلي أن ينشغل بخدمة ساكنته، لا أن يتدخل في ملفات عليا تخص أجهزة الدولة.