ان كان من احد يشعر بالفخر هذه الايام فهو بالتاكيد الياس العماري الذي انتخب مؤخرا امينا عاما لحزب البام مع ما يعنيه المنصب من رمزية قد تحمله لرئاسة الحكومة، المنصب البروتوكولي الثاني في هرم الدولة، لا سيما و ان هذا الرجل جاء من هامش الهامش ليتبوء مناصب ظلت حكرا على فئة الفاسيين المورسكيين و من يدور في فلكهم، النجاحات و كما هو الشأن بالنسبة للانكسارات لا يمكن ان نعزوها لشخص واحد، فمن يقف وراء وصول هذا الريفي القادم من دوار امنوذ الى ما وصل اليه !!
التقت الحسيمة سيتي عددا من النشطاء الجمعويين و السياسيين و سألتهم من كان سببا في سطوع نجم الياس العماري!! و تزامن ذكرى انتخابه امينا عاما لحزب البام مع هزة ارضية ضربت الحسيمة دفعنا لطرح سؤالنا و لو من باب الدعابة ان كان من رابط بين الحدثين ام هي محض صدفة!!
البعض كان قاسيا في وصف الياس العماري بالمكير الذي بني امجاده فوق اجساد الشهداء وعلى صرخات الايتام و الارامل التي خلفها زلزال 2004 و على الام المساكين و انين مرضى السرطان الذين خلفتهم حرب الغازات السامة،حتى ان كثيرا من الريفيين صنفوه ضمن خانة سارقي نضالات الشعب و المتسلقين على اكتافه لبلوغ اهداف شخصية دنيئة.
فكري احد ابناء المنطقة و العارف بخباياها ابى الا ان يذكرنا ببدايات الياس العماري و كيف استطاع ان يصبح ناطقا باسم الريف:”قد لا يختلف اثنان ان بداية سطوع نجم الياس العماري كانت مع زلزال 2004 حيث ان تحركاته سجلت على نطاق واسع لاحتواء مظاهرات المنكوبين التي كادت تعصف بالمنطقة لولا تدخله بعصاه السحرية، ليخمد نار ثورة كانت على وشك القيام، مستغلا علمه المسبق بعقيدة و سلوك و نفسية تلك العناصر التي تقودها و معرفته بطلباتهم و رغباتهم فتمكن من استدراجهم الى صفه بطريقة ذكية و ماهرة هو يعرف تفاصيلها جيدا،فكفى المومنين شر القتال،فاصبح منذ ذلك التاريخ ناطقا رسميا باسم ساكنة الريف مما فتح له باب القصر الملكي مكافئة له على تهدئته و تسكينه للاوضاع” .
كما جاء على لسان احد الناشطين الريفيين ”امثال الياس لا يخجلون من المناداة بحقوق الشعب و نضالاته كلما اتيحت لهم الفرصة، ويتناسون ان حزبهم قد اهمل اهمالا كليا الهامش على حساب المركز و الرجل يعرف جيدا من ماضيه اليساري اهمية الهامش بمقابل المركز، وما يدينه اكثر هو انه و من خلال حزبه البام يريد ان يبدا حيث انتهت الاحزاب الادارية الاخرى التي تعاقبت على حكم المغرب ، فكفا من الرقص على جراح الريفيين،انها مسرحية مملة لا تسلي احدا فالريفيون احفاذ مولاي موحنذ يتطلعون إلى غد افضل يتحقق فيه العدل و المساواة و التوزيع العادل للثروات و ازالة الظلم و اسبابه و مسبباته” انتهى كلام الناشط .
احمد رئيس جمعية ناشطة بالحسيمة يرى ان ”حقيقة لا بد من الوقوف عندها وهي ان هذا الرجل سواء كشخص او كهيئة ، لم يقدم للريف اي شيء الا المهرجانات و الجمعيات التي جعلها مطية للتحدث باسم المجتمع المدني، اي ان الريف قدم لالياس اكثر مما قدم هو للريف، فاستغل انتماءه للمنطقة ليستمد حمولتها التاريخية و الهوياتية و ما تحمله من وزن خصوصا عند صناع القرار،فلا هو ولا حزبه قدم اي مشروع انمائي للمنطقة ،ولا نظرة تبلورية تفك عن الريف حصاره و ترجع له هيبته و مكانته التي يستحقها، و تعوضه عن سنوات القمع و التهميش التي عاناها خلال الخمسين سنة الاخيرة”. يضيف احمد ”الريف لا يحتاج مجرد توزيع عادل للثروات، بل يحتاج الى انحياز ايجابي في توازيع هذه الثروة ،حتى يعوض مافاته من التنمية و يستطيع اللحاق بباقي مدن المغرب النافع،خصوصا على مستوى البنيات التحتية و مخططات التنمية ،المغيبة عن منطقة الريف التي تم اسقاطها من اجندات التنمية على مر نصف قرن من الزمان لحاجة في نفس يعقوب،و بعد ان ان قضى يعقوب حاجته،اوجب رد الاعتبار للمنطقة”
رشيد فاعل سياسي ضمن الحركة الامازيغية يؤكد” المنطقة (يقصد الريف) ظلمت مرتين ، الاولى من سياسيي المركز و الثانية من ابناءها الذين تقلدوا مناصب حساسة في هرم الدولة و آخرهم الياس الذي يتسم تعامله مع الريف انطلاقا من مقاربة امنية،كل هدفه ان يحرص على تهدئة الريف و كسر شوكة الحركات الاحتجاجية بالمنطقة و احتوائها و تقليم اظافرها نهجا للسياسة تكميم الافواه ،لاسيما انه ابن المنطقة و عارف بتضاريسها و جغرافيتها بل الاكثر من ذلك سيكولوجية ابناءها” و يضيف رشيد و علامات الغبن بادية على محياه ” سكان الريف ليسوا في حاجة الى من ينير لهم الطريق لان منارة الانسان الريفي هي مبادئه التي يهتدي اليها كلما تاهت به سيفنة الحياة،هاته المباديء هي راسماله الذي يموت و يحيى من اجله” و قد ختم حديثه بتنهيدة عميقة تختزل كل شيء .
احمد استاذ و فاعل نقابي بالريف شاء الا ان يوجه خطابه الى الياس العماري عبر منبر ”الحسيمة سيتي” و قد طلب ان تنقل شهادته حرفيا فيما يشبه وصايا لقمان لابنه ”الايام دول ودوام الحال من المحال فلا تتنكر لماضيك و اهلك و الى كل هؤلاء الذين جعلت من ظهورهم سلما ترتقي به الى السماء، فلا يغرنك السراب ولا تكن كحاكي الصدى لجهات خفية،لا بد من التذكير على سبيل الاستئناس بقصة فوست في رائعة من روائع الادب ل” كوتيه “لقد سئم الفيلسوف فوست الوحدة و العجز فاغراه الشيطان ميفيستوفليس بالغانية كاترينا و بالفتوة و المال و الجاه مقابل روحه،هل تعرفون ماذا حدث للحكيم ( او النافذ اذا شئتم ) في نهاية المطاف فقد روحه و لم يقض وتره من كاترينا اذ ولت عنه ،ولو انه حظي بلحظة عابرة من متعة و سراب و مجد، والانسان الريفي يفقد روحه عندما يفقد شرفه و عذريته, فلك واسع النظر اما ان تكون ريفيا او لا تكون!! ” انتهت وصية احمد لالياس .
مع الزلزال الذي ضرب الحسيمة و النواحي ليلة الاحد-الاثنين شوهد الياس العماري و هو يطوف بين مستشفيات المنطقة ‘للاطمئنان” على حالة المصابين و قد ابى الا ان يوثق تحركاته بصور اخذت بعناية ، تحركاته كانت مثار سخرية من كثير من الفيسبوكيين الذين اعتبروه ندير شؤم على الحسيمة التي اهتزت عشية اتنخابه امينا عاما لحزب البام فيما ذهب آخرون الى اعتبار خطواته تندرج في خانة كسب كثير من النقاط في ملعب الرباط بكونه الناطق الرسمي باسم ساكنة الريف في الافراح و الاقراح و اضاف احد الظرفاءاذا كان زلزال 2004 قد حمل العماري لرئاسة حزب البام فهو يكثف من تحركاته في زلزال 2016 لعل و عسى يحمله الى رئاسة الحكومة ، فيما علق آخر ان قوة الهزة قد خيبت آمال الياس العماري الذي كان يراهن على خسائر فادحة حتى يسجل حضوره من جديد و قد ختم حديثه ان مصائب قوم عند قوم فوائد.