يُعتبر الحلزون موردَ رزقٍ لعدد من المغاربة، لكنَّ الإقبالَ الكبيرَ على استهلاكه في البلدان الغربية، جعلَ تربيّته تتحوَّل إلى مشاريعَ مُدرّة للدّخل، ويَتوقّعُ المشتغلون في هذا المجال مستقبلا واعدا له في السنوات القادمة.
في رواق الفدراليّة البيمهنيّة لإنتاج الحلزون بالمعرض الدولي للفلاحة بمكناس، يتقاطرُ الفلّاحون الراغبون في الحصول على إرشاداتٍ حوْل تربية الحلزون، ويبْدو أنَّ هذا المجالَ أضحى يحظى باهتمام كبير من طرف الفلاحين، خاصّة وأنّ الاستثمار فيه لا يتطلب أموالا كثيرة.
الفدرالية البيمهنية لإنتاج الحلزون أنشأتْ خلال السنة الجارية فقط، وهي تابعة لوزارة الفلاحة والصيد البحري، وتضمُّ جمعيتين لمربّي ومنتجي الحلزون، وهدفها هو هيكلة هذا القطاع، وإعطاؤه دفعة ليكون دعامة للإنتاج الخاص بالتصدير، بحسب إسماعيل طريشة، عضو مؤسّس للفدرالية.
ويُضيفُ طريشة، في حديث لهسبريس، أنَّ خلْق الفدرالية البيمهنية لإنتاج الحلزون جاءَ في إطارِ تحقيق أهداف مخطط المغرب الأخضر، الذي يركز على تصدير المنتجات المحلية وتثمينها في السوق الدولية، لافتا إلى أنَّ الفدرالية تجمعها شراكة مع فاعلين فرنسيين، لهم تجربة في قطاع إنتاج الحلزون.
يكلّفُ الاستثمار في إنتاج الحلزون رأسمالا أوليا في حدود 8 ملايين سنتيم، تُخصّص لتجهيز الضيعة وشراء الحلزون الصغير، الذي يتمّ استيراده من الخارج، وتسمينه في مدّة تصل إلى أربعة أشهر، وتقوم الفدرالية باقتنائه من طرف المنتجين وإعادة تصديره إلى الخارج.
ويُوضّح إسماعيل طريشة أنَّ عمليّة البيْع تتمُّ مرّتيْن في السنة، كلّ ستّة شهور، وتُمكّنُ المنتجين من ربْح خام يصل، في المتوسّط، إلى 6 ملايين سنتيم في السنة، عنْ كلّ ضيْعة في حدود هكتار، وكلّما ارتفع عدد الضيعات التي يملكها المُنتجُ تزداد أرباحه السنوية.
الفدرالية البيمهنية لإنتاج الحلزون تتولّى دراسة المشاريع المقدّمة إليها من طرف الراغبين في الاستثمار في تربية الحلزون؛ حيثُ تدرس مدى ملاءمة البيئة والتربة، وتوفّر المياه، وإذا كانتْ الشروط المحددة متوفرة، تقوم بتكوين صاحب المشروع، وتواكبه في مرحلة التربية، برعاية المكتب الوطني للسلامة الصحية، ثمَّ تقتني منه المنتوج.
وبالنسبة للجمعيات والتعاونيات، فإنّ الفدرالية هي التي تتكلف بإنجاز المشاريع، بشراكة مع وزارة الفلاحة والصيد البحري، في إطار مخطط المغرب الأخضر، "بالنسبة إلينا مساعدة الجمعيات والتعاونيات هو ربح كبير، لأنّ ذلك سيساهم في خلق مناصب شغل، ومحاربة الهشاشة الاجتماعية"، يقول إسماعيل طريشة.
وبكثير من التفاؤل ينظر المتحدث إلى مستقبل إنتاج الحلزون في المغرب، قائلا: "المستقبل بكل تأكيد مشجع، لأنّ الحلزون منتوج مفيد لجسم الإنسان، وهناك إقبال كبير عليه، في ظلّ المشاكل الصحيّة التي تسببها اللحوم الحمراء"، موضحا أنّ الإقبال على الحلزون في السوق العالمية يسير في خطّ تصاعدي سنة بعد أخرى.
ففرنسا، التي تأتي على رأس الدول الأكثر استهلاكا للحلزون، لا يكفي إنتاجها المحلي لتغطية حاجياتها، وتلجأ إلى الأسواق الخارجية، مثل تونس. ويرى طريشة أنَّ عدم استقرار الأوضاع في تونس جعل فرنسا تبحث عن أسواق أخرى، وهذا في صالح المنتجين المغاربة، كما أنّ هناك دولا أخرى يتزايد إقبالها على "الكافيار" المستخرج من بيض الحلزون، مثل روسيا والصين وكوريا.
ولا يقتصر استعمال الحلزون على التغطية فقط، بلْ ثمّة مجالٌ آخر يشهدُ إقبالا كبيرا على هذا المنتوج، وهو التجميل. وبحسب المعلومات التي قدّمها طريشة، فإنَّ مخاطَ الحلزون يُعتبر من أغلى أنواع موادّ التجميل؛ حيث يمكن أنْ يصل سعر الكيلوغرام الواحد منه، حسب الجودة، إلى ما بين 15 و20 مليون سنتيم.
وتتوخّى الفدرالية البيمهنية لإنتاج الحلزون أنْ تتمَّ جميع مراحل الإنتاج، مستقبلا، في المغرب، دونَ اللجوء إلى اقتنائه من الخارج وإعادة تصديره، وهُو ما سيُمكّن من تخفيض كلفة الإنتاج، من جهة، ومضاعفة أرباح المنتجين من جهة أخرى، فإذا كانَ اقتناء الكميّة الكافية لهكتار واحد، والتي تصل إلى 320 ألف وحدة، يكلّف ما بين 15 و20 ألف درهم، فإنَّ سعر هذه الكميّة سينخفض، إذا اقتُنيتْ محليّا، إلى ما بين 5 و7 آلاف درهم، بحسب طريشة