قال محمد الطوزي الأستاذ الباحث في علم الاجتماع والعلوم السياسية، إن النتائج التي حققها حزب “التجمع الوطني للأحرار” في الانتخابات تعكس العمل الذي قام به الحزب في الخمس سنوات الأخيرة، ونفس الأمر بالنسبة لحزب “الاستقلال” الذي استعد للانتخابات منذ ثلاث سنوات بمجرد الإطاحة بحميد شباط.
وأضاف الطوزي في حوار مع مجلة “جون أفريك”، لقد مرت خمس سنوات منذ أن استعد حزب التجمع الوطني للأحرار لهذه الانتخابات، و الاستقلال منذ ثلاث سنوات، وقد ظهرت النتيجة، كلاهما سجلا أداء جيدا جدا، لكن حزب “الأحرار” فاز لأنه كان متقدمًا بعامين من العمل”.
وزاد “منذ وصول عزيز أخنوش إلى رئاسته، أنجز الحزب أعمالات كثيرة وقام بدراسات ميدانية ومسوحات، وبرنامج طموح هو “100 مدينة ، 100 يوم، خرج للقاء الناس واستمع إلى آلاف الأشخاص، كما استخدم ذرعا جمعويا موجهًا نحو الأعمال الخيرية والتنمية المحلية”.
وتابع “إنها ليست مجرد أموال كما سمعنا ، ولكنها استراتيجية شبيهة باستراتيجية حزب العدالة والتنمية من كل النواحي، باستثناء المساجد، مع إعادة هيكلة أجهزة الحزب”.
وأكد الطوزي أن الدرس المستفاد من كل هذا، هو أن استثمار الناخبين هو شيء يأتي ويذهب، فقد كان حزب العدالة والتنمية هو الرائد في هذا النهج وأظهرت المفارقة أنه حتى لو كان غير مرغوب فيه، يمكن أن تتم ترقيته من خلال الانتخابات”.
ولفت إلى أن استحقاقات 8 شتنبر أظهرت أن المواطنين بدأوا يعتقدون أن ورقة اقتراعهم لها قيمة، و هذا جديد، ونراه أيضا في ردة فعل الناس الذين يقولون عند الحديث عن هزيمة حزب العدالة والتنمية: “لقد فضحناهم ليس لأسباب أيديولوجية، بل لأنهم أساؤوا التدبير، وأيضا بسبب طريقتهم في ممارسة السياسة من خلال التذرع بالأخلاق دون أن تكون نموذجًا يحتذى به في سلوكها اليومي”.
وشدد الطوزي في ذات الحوار أن المغرب هو البلد الوحيد الذي وصل فيه الإسلاميون إلى السلطة عن طريق صناديق الاقتراع وتركوها بصناديق الاقتراع بطريقة ديمقراطية ودون عنف، لأن المؤسسة الملكية وثقت في عامل الوقت كأسلوب لتغيير المجال السياسي.
وأشار الطوزي أنه من المرجح أن يرضي انتصار حزب “التجمع الوطني للأحرار” النظام الملكي، لأنه يسمح بمواءمة المصالح الاستراتيجية لرئيسي السلطة التنفيذية – الملك ورئيس الحكومة – وبمرونة أكبر بينهما، وهذا ما فشل فيه حزب “العدالة والتنمية”.
وأوضح أن القاسم الانتخابي عكس ما كان يروج، لم يكن لديه تأثير كبير على نتائج الانتخابات، ففي المدن الكبيرة التي يزيد عدد سكانها عن 300 ألف نسمة ، وهي معاقل إسلامية، خدم القاسم الانتخابي حزب “العدالة والتنمية” بشكل كبير، ومن دونه مكان ليحصل على 13 مقعدا برلمانيا.
وأبرز الطوزي أنه من المثير الاهتمام البحث حول تأثير الاقتراع الجماعي على النتائج، ولا سيما إجراء الانتخابات الجماعية والتشريعية في نفس الوقت.
وأضاف ” على هذا المستوى يمكن أن نقدم الفرضية التالية: ” في الدوائر الانتخابية القروية حيث تستند الأصوات على تفاعلات شخصية مع مرشح معروف ومحدّد من قبل السكان، عندما نصوت، نصوت على جميع المستويات بما فيها التشريعية، بنفس بطاقة الاقتراع، لذا إذا بدأت بالتصويت للمرشح الذي تعرفه، فسوف تقوم تلقائيًا بالتصويت على نفس الحزب الذي ينتمي إليه في بطاقات الاقتراع الأخرى، وهنا حزب العدالة والتنمية لم يقم حتى بتغطية هذه الدوائر”.
ولفت الطوزي إلى أن معدل المشاركة في الانتخابات كان مرتفعا للغاية، وقبل هذا تقدم العديد من المرشحين لخوض هذه الاستحقاقات، بما في ذلك النساء، وكل هذا يدل على الإيمان بأن الانتخابات يمكن أن توصل للسلطة، والمشاركة في صنع القرار، والمعاقبة أيضا من خلال التصويت.
وأكمل بالقول “حن نشهد بداية تغيير في العقلية فيما يتعلق بالتصويت، وإذا تم تأكيد هذا، فإن هذه الظاهرة مهمة للغاية لأن أحد أبعاد الدمقرطة وهو العمليات الانتخابية الأكثر مصداقية، خاصة في هدنستها ومراقبتها والإشراف عليها من قبل القضاة، والآن نحن نعرف كيف نفعل ذلك”.
وأشار الطوزي أنه يمكن للمغرب أن يتحمل في اقتراع قادم تمكين إدارة الانتخابات، وسحبها من وزارة الداخلية وتسليمها إلى هيئة خارجية.
وشدد الطوزي إلى أن كل التحالفات ممكنة في تشكيل الحكومة سواء من ثلاث أحزاب أو أربعة، أو حكومة وحدة وطنية، وهذه الهندسة بحسبه ليست مسؤولية “الأحرار” لوحده، لكن في الوقت نفسه، تحتاج اللعبة السياسية إلى معارضة قوية وذات مصداقية، وإلا فإن الدولة تعرض نفسها لمخاطر أخرى لاحقًا.
وفي رده على سؤال حول ما الفائدة من حزب العدالة والتنمية الذي لم يعد له وزن كبير بمقاعده الثلاثة عشر، التي لا تسمح له حتى بامتلاك فريق برلماني، قال الطوزي إنه من الضروري أن يكون في المشهد السياسي معارضة قوية، مضيفا” ستؤثر حقيقة ضعف حزب العدالة والتنمية على قدرته على قيادة معارضة جديرة بالثقة، فبحصيلة 13 مقعدا فقط سيجد الحزب صعوبة في أداء هذا الدور ما لم يتقدم حزب آخر مثل حزب الأصالة والمعاصرة للمعارضة”.
وأضاف “حقيقة أن حزب الأصالة والمعاصرة يشكل ائتلافا معارضا مع حزب العدالة والتنمية، و لا يستبعد تماما في ضوء العلاقات المتوترة والصراعات التي يقيمها أمينه العام عبد اللطيف وهبي مع عزيز أخنوش أن يكون في المعارضة، لكن في سيناريوهات التحالف هذه، هناك عوامل أخرى تلعب دورها، وسيكون للقصر كلمته أيضًا”.