
نشرت الجريدة الأمريكية نيوزويك مقالا بعنوان “هل قوة الدعاء وحدها هي من توقف وباء كورونا”*، المقال لكاتبه Craig Considine، المتخصص في العلاقات بين المسلمين والنصارى، رد من خلاله على دعوة ترامب الأمريكيين للصلاة في الكنيسة من أجل رفع وباء كورونا وتأخره في اتخاذ إجراءات وقائية لمحاصرته.كاتب المقال وجَّه إلى أن الإسلام كان أكثر موضوعية في التعامل مع الوباء، حيث اعتنى بالأسباب المعنوية، مثل الدعاء، ولم يغفل أبدا الأسباب المادية، من نظافة وحجر صحي وما شابه.
وفي هذا الصدد أورد الكاتب الأمريكي مجموعة من الأحاديث النبوية التي تؤطر التعامل مع الوباء، ومن ضمنها:
“إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها”، و”لا يُورَدُ مُمرضٌ على مُصِحٍّ”، و”الطهور شطر الإيمان”، و”إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده”، و”تداووا، فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء، إلا الهرم”، وحديث “بَرَكَةُ الطَّعَامِ الوُضُوءُ قَبْلَهُ، وَالوُضُوءُ بَعْدَهُ” (وهو حديث لا يصح).
تخيل أن رجلا يعيش في دولة علمانية ويدين بدين غير الإسلام، يعلم جيدا منهج الإسلام في التعامل مع الوباء، ورجل مثل عصيد نشأ في بيئة إسلامية محافظة، وجميع المصادر التي تقرب له المعلومة بين يديه، يدعي بأن المسلمين لا يجيدون إلا تسويق الخرافة والدجل، وبدل أن يعتنوا بالعلم والبحث يلجؤون إلى الدعاء!
أكثر من هذا فالباحث الأمريكي أورد في مقاله المذكور حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُرْسِلُ نَاقَتِي، وَأَتَوَكَّلُ؟، قَالَ: «اِعْقِلْهَا، وَتَوَكَّلْ»”. يعني الأخذ بالأسباب المادية، مع التوكل الذي هو التفويض والاعتماد والثقة بالله تعالى.
مثل هذا التحليل يؤكد أن العلمانيين، لا في المغرب وحده بل كل العالم الإسلامي، لا يتحلون بالنزاهة الفكرية، ولا يقدمون معرفة ولا علما، وإنما قصارى جهدهم أن يفرغوا مكبوتاتهم، وينفسوا عن حقدهم، اتجاه الدين والتدين الذي هو أبرز مقومات الهوية.