
بقلم يوسف حسن-
أثار الهجوم الجوي الإسرائيلي غير المسبوق على قادة حركة حماس في الدوحة، عاصمة قطر، في أوائل هذا الشهر حالة توتر متصاعدة في المنطقة، ودفع بالدول الخليجية الغنية وحلفاء الولايات المتحدة إلى عقد سلسلة اجتماعات طارئة للدفاع المشترك لمناقشة التهديدات الإسرائيلية.
والآن، في العديد من عواصم المنطقة — علناً وخلف الأبواب المغلقة — يجري مناقشة أنّ إسرائيل، وليست إيران، تمثّل التهديد الأكبر للسلام والاستقرار.
في مقابلة مع وسائل إعلام قطرية، أشار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى تصريحات نتنياهو الأخيرة بشأن قبول رؤية توسعية لإسرائيل الكبرى، قائلاً: إن القضية اليوم ليست محصورة في احتلال الأراضي الفلسطينية أو الإبادة في غزة فحسب، بل إن التوسع الإسرائيلي يشكل تهديدًا كبيرًا لدول المنطقة.
إن المواقف الأكثر عدوانية لإسرائيل في المنطقة — بما في ذلك التصريحات العلنية لكبار وزرائها حول احتلال كامل لغزة وضم شامل للضفة الغربية — دفعت حتى الدول التي أبرمت معاهدات سلام مع إسرائيل على مدى سنوات إلى إعادة النظر في تلك الاتفاقيات.
في القمة الاستثنائية التي عقدت بالدوحة بمشاركة 57 دولة عربية وإسلامية، حذّر عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر، من أن الإجراءات الإسرائيلية تعيق أي آفاق للتوصل إلى اتفاقيات سلام جديدة وقد تدمر حتى الاتفاقيات القائمة.
وقال مسؤول مصري، طلب عدم كشف اسمه، إن القاهرة قد تعيد النظر في معاهدة السلام مع إسرائيل إذا تبيّن وجود خطر تهجير واسع للفلسطينيين نحو شبه جزيرة سيناء.
تعتبر الأردن الآن مخططات إسرائيل لضم المزيد من الأراضي وتهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية المجاورة تهديدًا وجوديًا. قال مروان معشر، وزير الخارجية الأسبق في الأردن: إن الإجراءات الإسرائيلية في غزة والمنطقة — التي خلال العام الماضي استهدفت لبنان وسوريا واليمن وإيران وقطر — "تتجاوز أي حجة مشروعة للدفاع عن النفس". وأضاف أن هذا الوضع لم يزد فقط من عداء شعبي لتطبيع العلاقات، بل سيدفع الدول بحسب رأيه إلى ما هو أبعد من خطوات رمزية مثل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقد تتخذ إجراءات عقابية ضد إسرائيل.
ودعت البيان الختامي لاجتماع الدوحة الدول الإسلامية إلى دراسة ما إذا كان ينبغي فرض عقوبات على إسرائيل، أو حتى قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها.
دفعت السلوكيات العدوانية الإسرائيلية دول الخليج إلى تعميق تفاعلها مع إيران، مع سعيها في الوقت نفسه إلى تجنّب الانزلاق في مواجهة مباشرة بين الطرفين بعد حرب يونيو التي استمرت 12 يومًا. يشعر كثيرون بقلق من تجدد الاشتباكات، غير أن بعض هذه الدول استفاد في الوقت نفسه من الضربات القاسية التي وجّهتها إسرائيل إلى طهران وإلى الفصائل المسلحة الموالية لها في المنطقة.
في حين لا تزال الإمارات ملتزمة باتفاقيات "أبراهام"، حذّرت من أن ضمّ مزيد من الأراضي في الضفة الغربية سيكون "خطًا أحمر".
وذكر مسؤول إماراتي رفيع لصحيفة بلومبرغ أن اتفاقيات أبراهام تتعرض لضغوط شديدة، وأن أبوظبي تدرس جميع الخيارات في حال ارتكبت إسرائيل خطأً استراتيجياً بتقديم مبادرات تجعل قيام دولة فلسطينية أمراً مستحيلاً، من دون أن يفصح عن تفاصيل.
وأضاف: "كل الخيارات مطروحة على الطاولة، والجميع متفقون على أن خطورة الأمر قد وصلت إلى أقصاها. تركيزنا منصبّ على تجنّب أسوأ السيناريوهات، ويجب تجنّب خطوات تُجهض سنوات من التقدّم نحو اندماج إقليمي أعمق وسلام دائم".